سورة الإسراء - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


وقيل: إلا قوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك} إلى آخر ثمان آيات وهي مائة وإحدى عشرة آية.
{سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} سبحان اسم بمعنى التسبيح {الذى} هو التنزيه يستعمل علماً له فيقطع عن الإِضافة ويمنع عن الصرف قال:
قَدْ قُلْتُ لَمَّا جَاءَني فَخْرُهُ *** سبحان من علقمة الفاخر
وانتصابه بفعل متروك إظهاره، وتصدير الكلام به للتنزيه عن العجز عما ذكر بعد. و{أسرى} وسرى بمعنى، و{لَيْلاً} نصب على الظرف. وفائدته الدلالة بتنكيره على تقليل مدة الإسراء، ولذلك قرئ: من {الليل}. أي بعضه كقوله: {وَمِنَ اليل فَتَهَجَّدْ بِهِ} {مّنَ المسجد الحرام} بعينه لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: «بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل بالبراق» أو {من الحرم} وسماه المسجد الحرام لأنه كله مسجد أو لأنه محيط به، أو ليطابق المبدأ المنتهى. لما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان نائماً في بيت أم هانئ بعد صلاة العشاء فأسرى به ورجع من ليلته، وقص القصة عليها وقال: «مثل لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصليت بهم» ثم خرج إلى المسجد الحرام وأخبر به قريشاً فتعجبوا منه استحالة، وارتد ناس ممن آمن به، وسعى رجال إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقال: إن كان قال لقد صدق، فقالوا: أتصدقه على ذلك، قال: إني لأصدقه على أبعد من ذلك فسمي الصديق، واستنعته طائفة سافروا إلى بيت المقدس فجلى له فطفق ينظر إليه وينعته لهم، فقالوا: أما النعت فقد أصاب فقالوا أخبرنا عن عيرنا، فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها وقال تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق، فخرجوا يشتدون إلى الثنية فصادفوا العير كما أخبر، ثم لم يؤمنوا وقالوا ما هذا إلا سحر مبين وكان ذلك قبل الهجرة بسنة. واختلف في أنه كان في المنام أو في اليقظة بروحه أو بجسده، والأكثر على أنه أسرى بجسده إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السموات حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، ولذلك تعجب قريش واستحالوه، والاستحالة مدفوعة بما ثبت في الهندسة أن ما بين طرفي قرص الشمس ضعف ما بين طرفي كرة الأرض مائة ونيفاً وستين مرة، ثم إن طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى في أقل من ثانية، وقد برهن في الكلام أن الأجسام متساوية في قبول الأعراض وأن الله قادر على كل الممكنات فيقدر أن يخلق مثل هذه الحركة السريعة في بدن النبي صلى الله عليه وسلم، أو فيما يحمله، والتعجب من لوازم المعجزات. {إلى المسجد الأقصى} بيت المقدس لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد. {الذى بَارَكْنَا حَوْلَهُ} ببركات الدين والدنيا لأنه مهبط الوحي ومتعبد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن موسى عليه الصلاة والسلام، ومحفوف بالأنهار والأشجار. {لِنُرِيَهُ مِنْ ءاياتنا} كذهابه في برهة من الليل مسيرة شهر ومشاهدته بيت المقدس وتمثل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام له، ووقوفه على مقاماتهم، وصرف الكلام من الغيبة إلى التكلم لتعظيم تلك البركات والآيات. وقرئ: {ليريه} بالياء. {إِنَّهُ هُوَ السميع} لأقوال محمد صلى الله عليه وسلم. {البصير} بأفعاله فيكرمه ويقربه على حسب ذلك.


{وَءاتَيْنَآ مُوسَى الكتاب وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لّبَنِى إسراءيل أَلاَّ تَتَّخِذُواْ} على أن لا تتخذوا كقولك: كتبت إليك أن أفعل كذا. وقرأ أبو عمرو بالياء على {أن لا يتخذوا}. {مِن دُونِى وَكِيلاً} رباً تكلون إليه أموركم غيري.


{ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} نصب على الاختصاص أو النداء أن قرئ: {أن لا تتخذوا} بالتاء على النهي يعني: قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلاً، أو على أنه أحد مفعولي {لاَ تَتَّخِذُواْ} و{مِن دُونِى} حال من {وَكِيلاً} فيكون كقوله: {وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الملائكة والنبيين أَرْبَابًا} وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من واو {تَتَّخِذُواْ}، و{ذُرّيَّةِ} بكسر الذال. وفيه تذكير بأنعام الله تعالى عليهم في إنجاء آبائهم من الغرق بحملهم مع نوح عليه السلام في السفينة. {إِنَّهُ} إن نوحاً عليه السلام. {كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} يحمد الله تعالى على مجامع حالاته، وفيه إيماء بأن إنجاءه ومن معه كان ببركة شكره، وحث للذرية على الاقتداء به. وقيل الضمير لموسى عليه الصلاة والسلام.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8